لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
92342 مشاهدة
هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر مرتكبا لذلك المنكر؟

وسئل حفظه الله: هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر مرتكبا لذلك المنكر؟
فأجاب: لقد ورد الوعيد الشديد لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويفعل ما ينكره، ويرتكب المنكرات، فقال -صلى الله عليه وسلم- يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحا، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون: مالك يا فلان، ألم تكن تأمر فينا بالمعروف، وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه .
وجاء رجل إلى ابن عباس فاستأذنه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: إن لم تخف أن تفضحك ثلاث آيات من كتاب الله -تعالى- فافعل؛ فذكر له قول الله -تعالى- أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وقوله -تعالى- عن شعيب عليه السلام: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ .
وقوله -تعالى- كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ وذلك أن اقتداء الناس بأفعال الداعي أقوى من اقتدائهم بأقواله.
ومع ذلك، فإنه يجوز للعاصي بنوع معصية أن يقوم بالدعوة إلى الله -تعالى- والنصح والإرشاد حيث إن السالم من المعاصي قليل، ولو لم يأمر وينهَ إلا المهذب السالم من كل ذنب لتعطل هذا الأمر، لندرة من يكون سالما من كل عيب، فإن العصمة إنما هي للرسل، ولكن إذا دعا الإنسان إلى خير فعليه أن يسارع إليه، ويسبق غيره إلى فعله، ولو كان مقصرا في آخر من أمور الطاعات، وكذا إذا نهى عن منكر وجب عليه أن يكون أبعد الناس عنه، ولو كان يفعل منكرا آخر، مع إضماره التوبة والنزع عن الذنوب، والحرص على الطاعات، ليكون قدوة خير في قوله وفعله. والله أعلم.